تاجر بعملة ربنا
عنترة بن شداد والمكافأة
تعرف عنترة بن شداد، طبعا، اللي هو الفنان فريد شوقي. عنترة لما حب يتقدم لعبلة أبوها، قال له: “لازم تروح بلاد الملك النعمان وتجيب لي ١٠٠٠ ناقة حمرا وربع جبنة تركي”. أيوة، أبوها كان اسكندراني!
عنترة راح وحاول يعمل النمرة بتاعته هناك، لكن رجالة الملك النعمان اتكاتروا عليه وعكشوه. الملك قال له: “هديك اللي انت عايزه، بس بشرط. تشتغل معايا كام سنة وتساعدني في حروبي وحواراتي على القبائل التانية”.
عنترة وافق، واشتغل معاه كام سنة، وبعد كده قرر ينهي إقامته وياخد القرشين بتوعه ويرجع بني عبس عشان يتجوز بلبلة (وكان دايماً بيدلعها كده).
المهم يا سيدي، الملك النعمان قال له: “أنا مش هديك ألف ناقة عشان هيكلفوك في الجمارك. أنا هديك حقك ناشف، بوكيت موني يعني، وليك يا عم عنترة في ذمتي ١٠٠ ألف”. لكن الملك ما حددش ١٠٠ ألف إيه. دينار، ولا درهم، ولا ين ياباني!
عنترة قال له: “١٠٠ ألف إيه يا مولاي؟ لا مؤاخذة عشان نقفل الشيك”. الملك قال له: “لا يا عنترة، دا الواجب بتاع عمك النعمان بقى. أنا هسيبك تختار العملة اللي عايز تاخد أجرك بيها، وأي عملة تختارها هديك منها ١٠٠ ألف”.
اختيار العملة
عنترة طبعاً كان ناوي يشغل فلوسه في بني عبس، واللي هنفترض إن عملتها كانت اسمها “سنكوح”. بدأ يقارن كل العملات اللي في السوق بالنسبة للسنكوح العبسي، فلقى عملة بـ ٥٠ سنكوح، وعملة بـ ٣٠٠ سنكوح، وعملة بألف سنكوح.
لو انت مكان عنترة، تختار تاخد مكافأتك بأنهي عملة؟
أي حد عاقل عايز يستثمر، وعنده فرصة يختار العملة اللي هيشتغل بيها، طبيعي يختار أغلى عملة، وأكتر عملة استقرارًا عشان يضمن إنه هيكسب ومش هيخسر.
العملات في حياتنا
طيب، تعرف إن الدنيا بتاعتنا فيها ٣ عملات بس؟
الظلم، والعدل، والفضل. والعملة الأخيرة دي هي العملة الخاصة والحصرية للبنك المركزي الإلهي، عملة ربنا. هشرحلك دلوقتي الكلام ده يعني إيه.
العدل:
لو استلفت منك ٤ جنيه – أنا مش عارف إيه الظروف اللي ممكن تحوجني لحد في المبلغ ده بصراحة – بس نفترض، لو رجّعتلك ال٤ جنيه زي ما هم، دا اسمه عدل. لأنك خدّت حقك كامل.
طيب، رجّعتلك ٢ جنيه وضربت على ٢ جنيه؟ دا ظلم، لأني كلت جزء من حقك.
لكن لو أنت بسماحة نفس قلت لي: “مش عايز منك حاجة يا موحة، خلي فلوسك في جيبك؟” دا بقى الفضل.
العدل في الحياة اليومية
الـ ٣ عملات دول مش في المعاملات المادية بس، لأ! في كل تعاملات حياتنا.
لو قلت لك كلمة زعلتك، أنت من حقك تردهالي كلمة زيها، دا العدل.
ممكن ما تقدرش تردها ضعفا منك، فيبقى دا ظلم.
ممكن تعفو وتصفح، ودا الفضل.
القوانين والمؤسسات
الـ “عدل” هو الأساس في كل شيء، وكل المؤسسات القانونية وكل أنظمة العالم بتسعى لتحقيق العدل.
القوانين حُطت عشان تحافظ على العدل بين الزوج والزوجة، بين الموظف والمدير، بين البائع والشاري.
لكن مفيش منظمة في العالم تبنت فكرة التعامل بالفضل، مع إنه أحسن بكتير. لأن الفضل هو عملة ربنا اللي بيتعامل بيها مع عباده.
الحياة مع الفضل:
أيوة، أما أنت فاكر إن ربنا بيعاملنا بالعدل؟!!
لو ربنا عاملنا بعدله، هيحصل فينا إيه؟ هنضيع!
ببساطة شديدة، أنت في أحسن الأحوال عبدت ربنا ٦٠ سنة، تدخل الجنة ٦٠ سنة وشكرًا، مالكش حاجة تاني.
لكن، ممكن ربنا يحسن ختامك، وتمشي عدل بس آخر أسبوع في حياتك، تدخل الجنة وتعيش فيها إلى ما لا نهاية. دا اسمه فضل ربنا عليك.
وكده كده محدش هيدخل الجنة بعمله… كلنا هندخل إن شاء الله برحمة ربنا.
فضله اللامحدود:
ربنا بيدهشنا بفضله وكرمه، وهو بيتعامل معانا، يقولك الحسنة بعشرة ويضاعف لمن يشاء. لكن السيئة بسيئة واحدة، دا فضل.
يقولك لو عملت حسنة، تتكتب حالاً، ولو عملت سيئة، يديك فرصة تتراجع عنها قبل ما يكتبها. لو اتراجعت، تتكتب لك بدالها حسنة. ما هو دا فضل!
يقولك لو فكرت في حسنة ومعملتهاش، يكتبهالك. لكن لو فكرت في سيئة ومعملتهاش، يكتب لك حسنة! ما هو دا يا حبيبي فضل.
يبقى متقوليش إن ربنا بيتعامل معاك بالعدل.
التعامل مع الفضل:
علشان ربنا عارف إن عملة الفضل دي عملة صعبة علينا، مفرضهاش بشكل رسمي. لكن فكرنا بيها بلطف، وقالنا:
﴿ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾
يعني خليها في دماغك. لما تقدر تتعامل بيها، يكون أحسن.
الحياة بالفضل في المواقف اليومية:
الأساس في أي شيء هو العدل، ودا محدش هيلومك عليه، لكن الأحسن ليك وللناس إنك تتعامل بالفضل.
يعني مراتك مزعلاك، من حقك تستنى لما هي تيجي تصالحك. لكن برضه ميمنعش إنك تخليها عليك شوية وتروح أنت تصالحها، دا مش هيقل منك، والله، بالعكس هيكبرك.
لو ليك حق عند حد – دين مثلاً – من حقك تسجنه لو مسددش، محدش هيقولك بتعمل كده ليه، لكن تقدر لو شايف ظروفه مزنقة وانت مش محتاج حقك أوي، تتنازل لوجه الله.
صاحبك الأنتيم آخر كام مكالمة بينكم أنت اللي كنت متصل بيه، وهو مبيتصلش بقاله فترة. تقدر تستنى لما هو يكلمك، وتقدر تبدأ المرة دي كمان وتكلمه. ودا اسمه الفضل.
الخاتمة:
تطبيقات الفضل في الحياة كتيرة أوي، مش هنقدر نعدها كلها. لكن اللي عايزك تفهمه إن الحياة صعبة على الكل، وهتبقى أسهل وأجمل بكتير لو كلنا اتعاملنا مع بعض بالفضل.
صدقني، من مصلحتك وانت بتستثمر في الحياة إنك تشتغل بأغلى عملة، وأكتر عملة سوقها مستقر، والتجارة فيها مربحة… عملة ربنا… الفضل.
وكل سنة وانتم طيبين!
مرتبط
اكتشاف المزيد من تريندات مصر-Trendat EG
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
لا تعليق